• مكاسب العملة الروسية بلغت 38% مقابل نظيرتها الأميركية في 2025 وموسكو نفسها متفاجئة من حجم الارتفاع
(بلومبرغ) – ارتفع الروبل الروسي ليصبح العملة الأقوى أداءً على مستوى العالم هذا العام، متفوقاً حتى على الذهب الذي يُعد ملاذاً تقليدياً آمناً، بحسب بيانات جمعتها بلومبرغ.
سجل الروبل مكاسب بنسبة 38% مقابل الدولار في سوق التداول خارج البورصة منذ بداية العام، مدعوماً بعدة عوامل داخلية، أبرزها أسعار الفائدة المحلية المرتفعة بشكل قياسي، بينما يواجه فيه الدولار الأميركي ضغوطاً متزايدة بسبب تصاعد الحروب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
قالت صوفيا دونيتس، كبيرة الاقتصاديين في شركة «تي إنفستمنتس» (T-Investments): «على عكس معظم عملات الأسواق الناشئة، لا يواجه الروبل ضغوطاً ناجمة عن هروب رؤوس الأموال، إذ إن القيود المفروضة على حركة رأس المال وفرت حماية كبيرة للاقتصاد الروسي، كما أن ارتفاع تكلفة الاقتراض المحلي يدعم العملة الروسية».
الروبل الروسي.. صعود يتحدى العقوبات
رغم استمرار العقوبات الغربية على روسيا منذ غزو أوكرانيا في فبراير 2022، فإن العوامل المحلية ساهمت في تعزيز الروبل في مواجهة ضعف الدولار.
لكن في المقابل، قد تؤدي قوة الروبل إلى تقليص إيرادات الطاقة التي تحتاج لها الدولة لتوفير الإنفاق الكبير على الاحتياجات العسكرية والبرامج الاجتماعية.
ولا يزال البنك المركزي الروسي يحافظ على سياسة نقدية متشددة للغاية للحد من التضخم، حيث يبلغ سعر الفائدة الأساسي 21%، وهو ما ساهم في كبح الواردات، وبالتالي تقليل الطلب على العملات الأجنبية.
في الوقت ذاته، تُلزم السلطات الروسية المصدرين ببيع جزء من عائداتهم بالعملات الأجنبية في السوق المحلية، ما يضيف مزيداً من الدعم للروبل.
جاذبية الروبل في تجارة الفائدة
وأدى ما يُنظر إليه على أنه «انفراجة» في سياسة واشنطن تجاه موسكو إلى إعادة جاذبية الروبل كخيار مفضل في صفقات «تجارة الفائدة» (والتي تعني الاقتراض بعملة منخفضة الفائدة والاستثمار بأخرى عالية العائد).
من جهته، قال إسكندر لوتسكو، رئيس قسم الأبحاث وإدارة المحافظ في شركة «آي ستار كابيتال» (Istar Capital) بدبي، إن المستثمرين الأجانب، رغم استمرار مخاطر العقوبات، يتجهون إلى الدول الحليفة لروسيا للوصول إلى الأصول المقومة بالروبل ذات العوائد المرتفعة.
وأشار لوتسكو إلى أن الشركات الروسية تسعى لإعادة تمويل ديونها المحلية باهظة التكلفة عبر قروض أرخص مقومة باليوان الصيني، مما يدفع إلى مزيد من تحويل العملات الأجنبية إلى الروبل.
خسائر الدولار.. مكاسب للروبل
في الوقت نفسه، انخفض الدولار إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر يوم الإثنين، في ظل استمرار تقلبات سياسات الرسوم الجمركية الأميركية، ما زاد من مخاوف المستثمرين تجاه الأصول الأميركية، وأضعف الثقة في الدولار وسندات الخزانة باعتبارهما ملاذين آمنين تقليديين.
وتوجه المستثمرون نحو الذهب مع تصفية حيازاتهم من الدولار، في ظل توقعات بتفاقم الاضطرابات وحالة عدم اليقين. وقفز المعدن النفيس بنسبة 23% منذ بداية العام، ليحتل المرتبة الثانية بعد الروبل في قائمة الأصول الأفضل أداءً أمام الدولار.
ما تقوله «بلومبرغ إيكونوميكس»
قال أليكس إسياكوف، كبير اقتصاديي روسيا في بلومبرغ: استفاد الروبل من ثلاثة تطورات منذ بداية العام: أولها تحسن العلاقات بين بوتين وترمب، مما عزز الثقة في الأسواق الروسية وقلل الطلب على الأصول بالعملات الصعبة؛ وثانيها السياسة النقدية المتشددة التي قللت من الطلب المحلي على الواردات، وزادت من المعروض الصافي من العملات الأجنبية؛ أما الثالث فهو استخدام الحكومة الروسية لصندوق الثروة الوطني لبيع العملات الصعبة وتحقيق التوازن في مواجهة انخفاض أسعار النفط».
لكن ورغم كل هذه المكاسب، فإن بيانات بنك روسيا المركزي تظهر أن الروبل ارتفع بنسبة 19% فقط في السوق المحلية ليصل إلى 82.7671 مقابل الدولار هذا العام، أي أقل من المكاسب المسجلة في الأسواق الخارجية.
ويُعزى هذا التباين إلى اختلاف أسعار الصرف في نهاية العام الماضي، عندما كانت الأسواق الروسية مغلقة بسبب العطلات، بينما استمرت التداولات العالمية.
كما أن تداول الدولار في بورصة موسكو لا يزال معلقاً منذ العقوبات الأميركية التي فُرضت في صيف العام الماضي، مما دفع بالأنشطة المرتبطة بالدولار إلى أسواق التداول خارج البورصة. وأدى ذلك إلى تعقيد عملية تحديد الأسعار وأسفر عن فجوة بين التسعير المحلي والدولي للعملة.