قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري خلال اجتماعها يوم الخميس 22 مايو، خفض معدلي العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 100 نقطة أساس إلى 24% و25% على الترتيب.
جاء قرار اللجنة بعد أن خفضت معدلات الفائدة بواقع 225 نقطة أساس لأول مرة منذ نوفمبر 2020 خلال اجتماعها السابق في 17 أبريل، بدعم من تباطؤ معدلات التضخم, وفقاً لـ «CNBC عربية».
يأتي الخفض الثاني للفائدة يوم الخميس متوافقاً مع توقعات 50% ممن شملهم استطلاع خاص لـ CNBC عربية، شمل 14 محللاً وخبيراً اقتصادياً في شركات وبنوك استثمار محلية وعالمية، بأن يواصل المركزي المصري خفض الفائدة في اجتماع اليوم نظراً لعدة عوامل من بينها: الحاجة لدعم النشاط الاقتصادي والهدوء النسبي في التوترات التجارية العالمية خلال الآونة الأخيرة.
وقالت لجنة السياسة النقدية، في بيان للبنك المركزي يوم الخميس، إن هذا القرار يأتي انعكاساً لآخر التطورات والتوقعات الاقتصادية منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق في أبريل.
وأضافت أن القرار يحقق التوازن بين التحوط من المخاطر السائدة والحيز المتاح للمضي قدماً في دورة التيسير النقدي، مع دعم المسار النزولي للتضخم خلال الأفق الزمني للتوقعات.
وذكرت اللجنة أنها ستواصل تقييم قراراتها على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.
وقالت: “سوف تواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026”.
التطورات المحلية
وفيما يتعلق بالتطورات على الجانب المحلي خلال الفترة الأخيرة، قالت لجنة السياسة النقدية إن المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 تفيد باستمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع التوقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5% مقابل 4.3% في الربع الرابع من عام 2024.
وتشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال دون طاقته القصوى بالرغم من النمو المستمر في النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب سوف تظل محدودة، بحسب البيان.
وذكرت اللجنة أن ذلك يأتي متسقاً مع المسار النزولي المتوقع للتضخم في المدى القصير، والذي يظل مدعوماً بالأوضاع النقدية الحالية. ومع ذلك، من المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025–2026.
وفيما يتعلق بسوق العمل، قالت اللجنة أن معدل البطالة شهد انخفاضاً طفيفاً إلى 6.3% خلال الربع الأول من عام 2025 مقابل 6.4% في الربع الرابع من عام 2024.
تطورات التضخم في مصر
هبط التضخم السنوي بشكل حاد خلال الربع الأول من عام 2025 وهو ما يعود إلى تراجع حدة الضغوط التضخمية، وفعالية سياسة التقييد النقدي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس، إلى جانب التلاشي التدريجي لأثر الصدمات السابقة، وفقاً للجنة.
وذكرت اللجنة أنه بحلول أبريل 2025، استقر كلٌ من المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي عند 13.9% و10.4% على الترتيب، وهو ما يعود بالأساس إلى اعتدال التطورات الشهرية للتضخم نتيجة انخفاض أسعار السلع الغذائية، والذي ساهم في الحد من تأثير ارتفاع تضخم السلع غير الغذائية إثر تحركات الأسعار المحددة إدارياً.
وأضافت: “نظراً لأن الضغوط الناجمة عن تلك التحركات ذات طبيعة مؤقتة، استمر التضخم الضمني في اتخاذ مسار نزولي منذ بداية العام ليتقارب تدريجياً نحو مستواه المتسق مع مستهدف البنك المركزي للربع الرابع من 2026”.
ويشير تباطؤ التضخم العام والأساسي في مصر، بالإضافة إلى تراجع التضخم الضمني، إلى تحسن توقعات التضخم، بحسب البيان.
وقالت اللجنة: “وعليه، من المتوقع أن يواصل المعدل السنوي للتضخم العام تراجعه خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وعام 2026، غير أن إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المُنفّذة والمقررة في عام 2025 فضلاً عن الثبات النسبي لتضخم السلع غير الغذائية من شأنهما الإبطاء من وتيرة هذا الانخفاض”.
وذكرت أن حدة المخاطر الصعودية المحيطة بآفاق التضخم تراجعت مقارنة باجتماع لجنة السياسة النقدية في شهر أبريل، وذلك في ضوء تراجع حدة التوترات التجارية، وتطورات سعر الصرف الحالية، وعودة مؤشر المخاطر إلى مستواه المعتاد، مما يسمح بمواصلة دورة التيسير النقدي التي بدأت في الاجتماع السابق للجنة.
لكنها أضافت: “رغم ذلك، فإن المخاطر الصعودية تظل قائمة وتتمثل في الآثار الناجمة عن السياسات التجارية الحمائية عالمياً، وتصاعد الصراعات الإقليمية، وتجاوز آثار ضبط أوضاع المالية العامة التوقعات”.
التطورات العالمية
فيما يتعلق بالصعيد العالمي، قالت اللجنة إن توقعات النمو تراجعت منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل، وهو ما يعود بالأساس إلى التطورات المتلاحقة في سياسات التجارة العالمية واحتمالية حدوث مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد.
وأضافت: “ومن ثم، لجأ العديد من البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى اتباع نهج أكثر حذراً في إدارة سياساتها النقدية وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم”.
وفيما يتعلق بالأسعار العالمية للسلع الأساسية، ذكرت اللجنة أن أسعار النفط لا تزال مدفوعة بعوامل من جانب العرض والتوقعات بانخفاض الطلب العالمي. وانخفضت الأسعار العالمية للسلع الزراعية الأساسية بصورة أقل حدة بسبب المخاطر المرتبطة بالمناخ.
وقالت اللجنة: “ورغم تراجع الضغوط التضخمية، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في سياسات التجارة العالمية”.