في خطوة تعكس تحسن الأداء الاقتصادي المصري، رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيفها الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر إلى «بي» من «بي-»، مع تثبيت التصنيف قصير الأجل عند «بي».
وأكّدت الوكالة أن النظرة المستقبلية «مستقرة». في حين أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني في ضوء إمكانيات النمو المرتفعة إلى حد ما في البلاد والدعم القوي من الشركاء.
ويعكس قرار الترقية التزام السلطات المصرية بالإصلاحات على مدار الـ18 شهراً الماضية، وعلى رأسها تحرير نظام سعر الصرف، ما أدّى إلى انتعاش حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2025 (المنتهية في 30 يونيو 2025).
وكانت آخر مرة رفعت فيها وكالة «فيتش» تصنيف مصر إلى «بي» في نوفمبر 2024، عندما ساعدت الاستثمارات الأجنبية وتشديد الظروف النقدية في بناء موارد مالية أقوى، في حين أن رفع «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لمصر إلى “بي” هو الأول منذ أن بدأت مصر في تلقي الدعم المالي في مارس 2024 تقريبا.
دوافع الترقية
أشارت «ستاندرد آند بورز» إلى أن تحرير سعر الصرف قد دعم القدرة التنافسية للاقتصاد وساهم في تعافي النمو، الذي ارتفع إلى 4.4 في المائة في السنة المالية 2025، من 2.4 في المائة عام 2024، مع توقعات بمتوسط 4.8 في المائة حتى عام 2028.
كما ساهمت الإصلاحات في:
• زيادة تدفقات السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
• تحسن صافي التدفقات المالية، ما دعم المركز الخارجي للاقتصاد.
• تدفقات استثمار أجنبي مباشر كبيرة، خاصةً المرتبطة بالاستثمار العقاري، البالغة 35 مليار دولار من شركة القابضة (ADQ) في منطقة رأس الحكمة.
وقد أدّت هذه العوامل، إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي وجهات مانحة أخرى، إلى زيادة احتياطات النقد الأجنبي وتحسن المقاييس الخارجية لمصر. وتتوقع الوكالة أن ترتفع الاحتياطات القابلة للاستخدام لدى البنك المركزي إلى 42 مليار دولار بحلول عام 2028.
تحديات المالية العامة
على الصعيد المالي، أكّدت الوكالة أن الحكومة نجحت في تحقيق فائض أولي قدره 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025، وتوقعت استمرار تحقيق فوائض أولية حتى عام 2028، مدعومةً بتوسيع القاعدة الضريبية وضبط الإنفاق.
لكن التحدي الأبرز لا يزال يتمثل في الارتفاع الكبير في عبء خدمة الدين الحكومي. فبالرغم من بدء البنك المركزي المصري دورة خفض أسعار الفائدة في أبريل (نيسان) 2025 بعد تراجع التضخم، تتوقع الوكالة أن تظل تكاليف الفائدة مرتفعة، مشيرة إلى أن نسبة الإنفاق على الفوائد إلى الإيرادات ستنخفض تدريجياً من 73 في المائة في السنة المالية 2025 إلى 49 في المائة بحلول السنة المالية 2028، وهي نسبة لا تزال عالية.
النظرة المستقبلية والمخاطر
تُوازن النظرة المستقبلية المستقرة بين التوقعات بتحسن آفاق النمو وموازين المدفوعات من جهة، مقابل استمرار ارتفاع عجز الموازنة والدين الحكومي، بما في ذلك الالتزامات التجارية الخارجية، من جهة أخرى.
سيناريو الرفع المحتمل للتصنيف: يمكن أن يحدث إذا تحسن صافي مراكز ديون الحكومة والديون الخارجية بوتيرة أسرع من المتوقع، أو من خلال زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بدعم من بيع الأصول المملوكة للدولة، أو إذا أدّت سياسات تنويع الاقتصاد إلى تحسين جودة التمويل الخارجي.
سيناريو الخفض المحتمل للتصنيف: قد يتم خفض التصنيف إذا تراجع التزام الحكومة بالإصلاحات، خاصة مرونة سعر الصرف، وتفاقمت الاختلالات الاقتصادية مرة أخرى، أو إذا دفعت تكاليف الفائدة المرتفعة الحكومة لإجراء مبادلة ديون تعتبرها الوكالة متعثرة. كما قد تؤثر التوترات الجيوسياسية على وصول مصر إلى الأسواق الخارجية.
ويؤكد التقرير على أن التزام السلطات بسعر صرف محدد بالسوق، إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي، سيستمر في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي وجهود ضبط أوضاع المالية العامة خلال السنوات المالية 2025–2028، على الرغم من التوترات الجيوسياسية والإقليمية الحالية.