• تكلفة استئجار غرفة بالمناطق متوسطة الأسعار في العاصمة تتراوح بين 876 و966 جنيهاً إسترلينياً شهرياً
• أصبحت أحياء لندن الأكثر جاذبية بعيدة المنال عن جميع المستأجرين، باستثناء الفئة الأكثر ثراءً، وتمتد آثار ذلك لتتجلى في مناطق أخرى
كشف تحليل أجرته “بلومبرغ” استناداً إلى بيانات من موقع مشاركة الشقق “سبيرروم” (Spareroom) أن وطأة ارتفاع الإيجارات بدأت تمتد الآن إلى الطبقة التالية في الترتيب، إذ يُجبر السكان على مغادرة الأحياء الراقية إلى أماكن مثل بروكلي وبيثنال غرين. ويهدد هذا التحول بمحو ما تبقى من القدرة على تحمل تكاليف السكن في العاصمة البريطانية.
بهذا الصدد، قال مات هاتشينسون، مدير “سبيرروم”: “عادةً عندما يتعرض الناس للضغط، تميل الإيجارات إلى الانخفاض بسرعة في المناطق الأكثر تكلفة وترتفع أسرع في المناطق الأرخص، لكن ما يحدث أيضاً هو أن المستأجرين يُدفعون إلى الخروج من أحيائهم المفضلة نحو مناطق أكثر قابلية لتحمل كلفتها نسبياً”.
ارتفاع الأسعار يضغط على المستأجرين
غير أن هذه الأحياء سرعان ما تفقد قدرتها على البقاء في متناول المستأجرين، إذ ترتفع تكلفة استئجار غرفة بالمناطق متوسطة الأسعار في لندن بوتيرة هي الأسرع، حيث تتراوح الإيجارات الشهرية بين 876 و966 جنيهاً إسترلينياً. وسجلت هذه المناطق زيادة متوسطة بلغت 1.3% على مدار عام حتى الربع الثالث، متجاوزةً المناطق الأعلى سعراً، ومخالفةً للتراجع المسجل في المناطق الأرخص من العاصمة.
تسلط هذه النتائج ضوءاً جديداً على الضغوط التي يواجهها المستأجرون في أنحاء المملكة المتحدة، مع اضطرارهم للتنافس على معروض متناقص من الوحدات السكنية. وتبدو الأزمة أكثر حدة في لندن، حيث يبلغ متوسط إيجار الغرف نحو 1000 جنيه إسترليني (1328 دولاراً) شهرياً، بحسب موقع “سبيرروم”.
وهذا يُضيف أعباء أخرى إلى تكاليف المعيشة المرتفعة أصلاً ويجعل ادخار الدفعة الأولى لشراء منزل أمراً أكثر صعوبة.
فعلى سبيل المثال، كان حي كلافام بجنوب لندن في السابق وجهة رئيسية للمستأجرين الشباب، لكنه أصبح الآن بعيداً عن متناول الكثيرين، بعدما تجاوز متوسط إيجار الغرف 1000 جنيه إسترليني شهرياً. أما من يبحثون عن حي مشابه بتكلفة أقل، فيتجهون إلى إيست دولويتش على بُعد أربعة أميال، حيث تقل الإيجارات بنحو 183 جنيهاً إسترلينياً، ما يعني توفيراً يقارب 2200 جنيه إسترليني سنوياً، وفق بيانات موقع “سبيرروم”.
أدى الانتقال نحو الأحياء متوسطة المستوى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، إذ بلغت تكلفة استئجار غرفة في بلاكهيث، وهو حي راقٍ بجنوب شرق لندن، 959 جنيهاً شهرياً، بزيادة 9% على أساس سنوي، أي ما يعادل نحو 950 جنيهاً إضافياً في الإيجار على مدار 12 شهراً. وشهد حي بروكلي المجاور نمطاً مشابهاً، إذ قفزت الإيجارات بنحو 8% لتصل إلى 911 جنيهاً شهرياً.
تراجع الإيجارات في الأحياء الفاخرة
على النقيض من ذلك، شهدت المناطق الأعلى سعراً، التي تحظى بشعبية بين طلاب الجامعات والمهنيين الشباب مثل حي كامدن الواقع بوسط المدينة، حيث تتجاوز تكلفة استئجار الغرفة 1200 جنيه إسترليني شهرياً، انخفاضات طفيفة خلال الفترة نفسها، وفقاً لبيانات موقع “سبيرروم”.
وفي ظل تجاوز تكلفة استئجار أرخص الغرف في لندن حاجز الـ700 جنيه إسترليني شهرياً، تخلى كثيرون عن فكرة الاستئجار في العاصمة تماماً. وذكر موقع “سبيرروم” أن الطلب ارتفع بشكل ملحوظ في ضواحي المدينة والمناطق القريبة مثل سانت ألبانز وبرينتوود.
ارتفاع الإيجارات يدفع السكان للمغادرة
تُظهر البيانات الرسمية لسوق الإيجارات الخاصة أن الأسرة المستأجرة أنفقت نحو 42% من دخلها لسداد الإيجار خلال عام 2024، وهي نسبة تفوق بكثير المتوسط في إنجلترا البالغ نحو 36%. كما ارتفعت النسبة لتتجاوز 50% في أربع مناطق بلندن، وهي وستمنستر وواندزورث وكامدن إلى جانب منطقة هامرسميث وفولهام، بينما بلغت قرابة 75% بمنطقة كينسينغتون وتشيلسي، التي تضم أغلى العقارات في بريطانيا.
وجه الملاك اتهامات للحكومة بتفاقم أزمة الإيجارات نتيجة اللوائح التنظيمية المكلفة، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تُقدِم وزيرة الخزانة راشيل ريفز على فرض ضريبة تأمين وطني على الدخل الناتج من الإيجارات ضمن موازنتها المنتظر إعلانها في 26 نوفمبر، في محاولة لمعالجة عجز المالية العامة. وقد دفع هذا التوجه الكثيرون إلى الخروج من السوق وبيع ممتلكاتهم.
قال هاتشينسون إن”الإيجارات تظل مرتفعة بعناد، ونادراً ما يتمكن المستأجرون من الالتزام بمعايير القدرة على التحمل، أي ألا تتجاوز كلفة الإيجار 30% من الدخل الشهري، وذلك نتيجة النقص المزمن في المعروض داخل سوق الإيجارات في لندن”. وأضاف أن “الناس المجتهدين الذين تعتمد عليهم العاصمة في استمرار نشاطها لم يعد أمامهم سوى خيار الرحيل”.