سجّل الذهب مستوى قياسياً جديداً هو الخمسون له منذ بداية عام 2025، مدفوعاً بتصاعد التوترات الجيوسياسية عالمياً وتزايد الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيواصل خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، في سيناريو يعزز الطلب على الأصول التي لا تدر عائداً مثل المعادن النفيسة.
وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بما يصل إلى 1.2% ليقترب من مستوى 4500 دولار للأونصة، مواصلاً مكاسبه بعد تسجيله أكبر قفزة يومية في أكثر من شهر. كما لحقت الفضة بالذهب وسجّلت بدورها مستوى تاريخياً جديداً، وفقا لتقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” .
ويراهن المتعاملون في الأسواق على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي نفّذ بالفعل ثلاث تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة، سيتجه إلى خفض جديد لتكلفة الاقتراض خلال 2026، وهو ما يشكل رياحاً مواتية للذهب وبقية المعادن الثمينة.
وارتفع الذهب بنحو 70% منذ بداية العام، وهو في طريقه لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979. ويستند هذا الصعود القوي إلى عمليات شراء مكثفة من البنوك المركزية، إضافة إلى تدفقات قوية نحو الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) .
وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، ارتفعت حيازات الصناديق المدعومة بالذهب في جميع أشهر 2025 باستثناء شهر مايو، في مؤشر واضح على استمرار الطلب الاستثماري.
كما ساهمت السياسات التجارية العدوانية التي انتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية، إلى جانب تهديداته المتكررة لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، في تعزيز موجة الصعود خلال وقت سابق من العام.
ويتجه المستثمرون بعيداً عن السندات السيادية والعملات المرتبطة بها، وسط مخاوف من تآكل قيمتها الحقيقية بفعل تضخم الديون الحكومية.
ورغم تراجع الذهب في أكتوبر الماضي من قمته السابقة عند 4381 دولاراً للأونصة، حين اعتُبرت موجة الصعود مبالغاً فيها، إلا أن المعدن النفيس تعافى بسرعة، ويبدو الآن في موقع يسمح له بحمل هذه المكاسب إلى العام المقبل.
وتتوقع بنوك استثمارية كبرى، من بينها “غولدمان ساكس”، استمرار الصعود في 2026، مع سيناريو أساسي يشير إلى وصول الأسعار إلى 4900 دولار للأونصة، مع مخاطر صعودية إضافية.
وسجلت الفضة بدورها مكاسب أكثر لفتاً للانتباه، إذ ارتفعت بنحو 140% منذ بداية العام، متجاوزة أداء الذهب. وصعدت أسعار الفضة بما يصل إلى 1.4% لتقترب من مستوى 70 دولاراً للأونصة.
وجاء هذا الارتفاع مدعوماً بتدفقات مضاربية قوية، إضافة إلى اختناقات مستمرة في الإمدادات بعد موجة “ضغط بيعي” تاريخية في أكتوبر، أدت إلى تسارع الصعود.
ورغم تسجيل تدفقات كبيرة إلى خزائن لندن منذ ذلك الحين، فإن جزءاً كبيراً من الفضة المتاحة عالمياً لا يزال مخزناً في نيويورك، بانتظار نتائج تحقيق تجريه وزارة التجارة الأميركية بشأن ما إذا كانت واردات المعادن الحيوية تشكل تهديداً للأمن القومي، وهو ما قد يفتح الباب أمام فرض رسوم جمركية أو قيود تجارية.
في المقابل، سجّلت مخزونات الفضة في المستودعات المرتبطة ببورصة شنغهاي للعقود الآجلة أدنى مستوى لها منذ عام 2015 خلال الشهر الماضي.
من الناحية الفنية، أظهر مؤشر القوة النسبية للذهب قراءة بلغت 80.3 نقطة، ما يشير إلى دخول المعدن منطقة “تشبع شرائي”، في حين بلغت قراءة الفضة 79.1 نقطة، وهي مستويات مرتفعة استمرت لنحو أسبوعين. وعادةً ما تشير القراءات فوق 70 نقطة إلى احتمالات تصحيح سعري.
