(كونا) – يشهد السوق السعودي في الأعوام الأخيرة حضورا لافتا لعدد كبير من الشركات الكويتية عبر استثمارات في مختلف القطاعات بشكل يساهم في نمو الاقتصاد السعودي وتنوعه بقدر مساهمته في تعزيز ازدهار القطاع الخاص الكويتي ويعد إضافة إلى سجلها الاستثماري الرائد في المجالين الاقتصادي والتجاري.
ولا ينحصر نجاح الشركات الكويتية المستثمرة داخل السوق السعودي في قطاع محدد فقد شملت بصمات نجاحها قطاعات عدة كالإنشاءات والتشييد والنقل والخدمات اللوجستية إضافة إلى قطاعات الأغذية والتكنولوجيا وتجارة التجزئة.
وبالنظر إلى السياسات الاستثمارية المتميزة في المملكة وما اتخذته من خطوات متسارعة في مجالي التنمية الاقتصادية والاستثمار نجد أن لها آثارا إيجابية في خلق بيئة اقتصادية فاعلة وجذب رؤوس الأموال الكويتية.
ويؤكد قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار الكويتية الصادر في يونيو الماضي حول فتح مكتب تمثيلي بالمملكة في إطار تعزيز الروابط الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين ما تشهده السعودية من تطور اقتصادي كبير أدى إلى خلق بيئة وفرص استثمارية جاذبة يسعى مختلف المستثمرين لاقتناصها.
وبهذا الصدد رأى عدد من المستثمرين الكويتيين أن وجود الرؤية الواضحة والتسهيلات المقدمة للمبادرين ولأصحاب رؤوس الاموال عمل على استقطاب استثماراتهم إلى السوق السعودي مشيرين في الوقت نفسه إلى حجم السوق المناسب والبيئة الاستثمارية الملائمة.
من جهته قال رئيس مجلس إدارة شركة (عصير الضاحية) الكويتية عبدالله المفرج في تصريح مماثل ل(كونا) إن السعودية وضعت منذ عام 2015 رؤية واضحة وجادة وشاملة في كل القطاعات بالدولة موضحا أن الشركات الكويتية وبعد مضي أعوام قليلة من تلك الرؤية “استشعرت النمو والنهضة التي تعيش فيها المملكة واهتمامهم بالمستثمر الخليجي والأجنبي من خلال تسهيل الاستثمار بها”.
وأضاف المفرج أنه في عام 2017 قرر مجلس إدارة شركة (عصير الضاحية) الدخول إلى السوق السعودي بعد زيارات ميدانية لمدينة الرياض لقياس حجم سوق المطاعم والأغذية بشكل عام “حينها تبين أن السوق في وقتها كان يفتقد التنوع رغم وجود قوة شرائية كبيرة ما سهل قرار الاستثمار دون تردد”.
وأشار إلى ما شهدته المملكة منذ عام 2018 من استثمارات كبيرة من الشركات سواء الصغيرة والمتوسطة أو الكبيرة في كل القطاعات لافتا إلى تراجع معدل دخول الشركات الصغيرة والمتوسطة الكويتية إلى السوق السعودي في العامين الأخيرين بسبب ارتفاع حدة المنافسة وزيادة أعداد رواد الأعمال السعوديين في هذا المجال.
وحول مستقبل الاستثمار في السعودية قال إنه “بناء على لغة الأرقام التي تقيس حجم السوق السعودي فإنه مقبل على مستقبل جيد للاستثمار بحسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير الذي توقع نموا لاقتصاد المملكة يتجاوز 5ر5 في المئة وهو رقم إيجابي”.
وأشاد المفرج بما تقوم به السعودية في الأعوام الأخيرة من توفير الخدمات للمبادرين وتسهيل إجراءاتهم في ظل بيئة حكومية إلكترونية “وهو ما دفع أيضا رؤوس الأموال السعودية المحلية للاستثمار بأرقام كبيرة إلى جانب رأس المال الأجنبي.
فمن جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة (أبيات) الكويتية محمد أبل لوكالة الانباء الكويتية (كونا) إن السوق السعودي أصبح جاذبا للمستثمرين من كل مكان وخاصة الكويتيين نظرا للقرب الجغرافي والعلاقات الوطيدة بين الشعبين والتشابه الكبير في تفضيلات المستهلك السعودي والكويتي الأمر الذي جعل المستثمرين ينظرون للسوق “كفرصة جيدة للاستثمار”.
وأضاف أبل أن الاقتصاد السعودي الذي يعد الأكبر خليجيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي عززته رؤية (المملكة 2030) التي ظهر كثير من آثارها الإيجابية على نمو الاقتصاد من ناحية البيئة التشريعية المناسبة وتيسير إجراءات الأعمال والحوافز المقدمة للمستثمرين عن طريق صناديق الإقراض التنموية مثل الصندوق الصناعي والعقاري والزراعي والسياحي.
وأشار إلى الرغبة المستمرة لدى المستثمرين الكويتيين سواء كانت الشركات الكبيرة والصناديق أو المستثمرين الأفراد في مختلف المجالات بالدخول إلى السوق السعودي واستكشاف فرص الاستثمار في القطاعات الصناعية أو التجارية والخدمات.
وذكر أن الجميع يتابع ما تقوم به المملكة من تحسين البيئة الاستثمارية ووضع تشريعات واضحة وتسهيل الأنظمة التجارية والإجراءات الحكومية والتنافسية العالية التي تتمتع بها أنظمة المصارف والبنوك لجذب المستثمرين من الخارج فضلا عن قيام جميع الوزارات والهيئات ذات العلاقة بتسهيل العقبات وتذليل الصعوبات التي قد تواجه المستثمرين.
وبين أهمية الاستضافة المرتقبة للفعاليات العالمية في المملكة مثل (إكسبو الرياض 2030) و(كأس العالم 2034) إلى جانب استضافتها حاليا المعارض والمؤتمرات الدولية “ما يجعل الاقتصاد السعودي في حالة نشاط مستمر بجميع المجالات تنعكس على توفير الفرص الاقتصادية الكثيرة في السوق”.
وحول عمل شركة (أبيات) في السوق السعودي قال أبل إن لدى الشركة “خبرة جيدة” في السعودية منذ دخولها عام 2012 باستثمارات تتجاوز 50 مليون دينار (ما يعادل 160 مليون دولار أمريكي) لافتا إلى خطة توسعية تعتزم الشركة القيام بها وضخ استثمارات جديدة في مدن سعودية عدة بمجالات مختلفة منها التجزئة والخدمات اللوجستية والصناعة.
من جانبه قال المدير العام لشركة (غالية) الكويتية عبدالرزاق المطوع ل(كونا) إن السعودية من الأسواق الواعدة والجاذبة ليس على مستوى دول الخليج فحسب بل على المستوى العالمي أيضا مشيرا إلى أن دول الخليج وبينها المملكة “تعيش فترة رواج اقتصادي كبير في ظل اهتمام الحكومات الخليجية نحو تعزيز بيئة الأعمال والاقتصاد وتنويع مصادر الدخل”.
وعزا المطوع ذلك إلى الخطوات التي اتخذتها القيادة السعودية في الأعوام الأخيرة من إصلاحات واسعة وتطوير للتشريعات والبنية التحتية نقلت المملكة إلى مصاف الدول الكبرى في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والاستثمارات الخارجية.
وأضاف أن المستثمر الكويتي ليس غريبا عن السوق السعودي “فالاستثمارات الكويتية موجودة في المملكة منذ أعوام وهي انعكاس لطبيعة العلاقة بين البلدين على مستوى الحكومات والشعبين كما أن الشراكة المستمرة بين القطاعين الخاص آخذة في الازدهار بالأعوام الأخيرة”.
وذكر أنه بحسب البيانات الرسمية التي أعلنت عنها المملكة خلال منتدى (استثمر في السعودية) الذي أقيم بالكويت العام الماضي فإن قيمة الاستثمارات الكويتية في المملكة بلغت 35 مليار ريال سعودي (نحو 3ر9 مليار دولار أمريكي) في مختلف القطاعات.
ورأى أن مشروع سكك الحديد الذي يربط الكويت والمملكة يعد من أهم المشاريع في قطاع النقل الخليجي وهو مشروع ضخم لربط دول الخليج بمنظومة نقل متطورة من شأنها أن تخدم جميع القطاعات والأسواق وتخفض من تكاليف النقل بما سينعكس إيجابا على أسعار السلع كما ستعزز من السياحة الخليجية الداخلية والتي هي من أهم الاستثمارات التي يجب على دول الخليج العمل على تنميتها.
وعن القطاعات الكويتية التي من الممكن أن تستفيد من نهضة السوق السعودي قال المطوع إن القطاع المصرفي الكويتي ينظر إلى السوق السعودي “كسوق واعد” لعمليات التمويل في ظل المشاريع الإنشائية الضخمة التي تتبناها المملكة وعلى رأسها مشروع (نيوم) الذي يمثل جزءا رئيسا من رؤية (المملكة 2030).
وبين سعي قطاع الانشاءات والمقاولات الكويتي إلى أن يكون له حضور في المشاريع السعودية التوسعية مشيرا الى ريادة الشركات الكويتية في قطاعي التجزئة والخدمات اللوجستية وأهميتهما في خدمة الشركات بكل مستوياتها.