التقى الرئيس السوري أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، يوم الاثنين 10 نوفمبر، في نهاية عام مفصلي للشرع بذل فيه جهوداً سعياً لإنهاء عزلة سوريا الدولية، ووسط تأكيد أميركي العمل على رفع العقوبات كاملة لا سيما قانون قيصر.
وبالتزامن مع الزيارة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر على سوريا.
وشهد هذا العام تحولاً محورياً للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، إذ كان الشرع حتى فترة قريبة قائداً لمجموعة من المعارضة المسلحة لكنها قادت في نهاية العام الماضي الإطاحة ببشار الأسد الذي حكم البلاد لفترة طويلة.
وتتصدر الأوضاع الاقتصادية محاور زيارة الشرع إلى واشنطن، وسط جهود لإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا وفي مقدمتها “قانون قيصر”، حيث تركت هذه العقوبات آثاراً كبيرة على الاقتصاد السوري وأعاقت عجلة إعادة الإعمار، وفقاً لوكالة الأنباء السورية “سانا”.
واستقبل ترامب الشرع في أول زيارة على الإطلاق يقوم بها رئيس سوري إلى البيت الأبيض، بعد ستة أشهر من أول لقاء بينهما في السعودية، وبعد أيام فقط من إعلان واشنطن إزالة الشرع عن لوائح الإرهاب.
وتولى الشرع (42 عاماً) مقاليد الأمور في سوريا نهاية العام الماضي بعد أن شنت جماعات من المعارضة المسلحة بقيادته هجوما خاطفا انطلاقا من جيب كانوا يسيطرون عليه في شمال غرب سوريا وتمكنوا في غضون أيام فقط من الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر.
ومنذ ذلك الحين، تتطور تحالفات سوريا بوتيرة مذهلة بعيداً عن حليفي الأسد الرئيسيين إيران وروسيا وباتجاه تركيا والخليج وواشنطن، بحسب رويترز.
ومن المرجح أن يكون الأمن على رأس المناقشات في الاجتماع اليوم الاثنين.
وتتوسط الولايات المتحدة في محادثات بين سوريا وإسرائيل بشأن اتفاق أمني محتمل. وذكرت رويترز أن الولايات المتحدة تخطط لإقامة وجود عسكري في قاعدة جوية في دمشق.
ومن المقرر أيضاً أن تنضم سوريا إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ومن الممكن أن يتم الإعلان عن ذلك رسميا في اجتماع البيت الأبيض اليوم الاثنين.
وقال الشرع، خلال لقائه المنظمات السورية في واشنطن إن “العقوبات في مراحلها الأخيرة، وعلينا متابعة العمل لرفعها”، مؤكداً أن سوريا بحاجة لجهود أبنائها في الداخل والخارج لإعادة إعمارها.
وكان ترامب قد أصدر أمراً تنفيذياً في 30 يونيو الماضي لإنهاء برنامج العقوبات على سوريا، لتبدأ بعدها خطوات إلغاء “قانون قيصر” بالتصويت عليه في مجلس الشيوخ الأميركي في الـ 10 من أكتوبر الماضي، ليصبح اليوم بحاجة إلى تصديق مجلس النواب وتوقيع الرئيس لإلغائه رسمياً.
وقبل الاجتماع التاريخي، قال مسؤولان كبيران إن سوريا أحبطت مؤامرتين منفصلتين لتنظيم الدولة الإسلامية لاغتيال الشرع.
وأضاف المصدران، وهما مسؤول أمني سوري ومسؤول كبير في الشرق الأوسط، أن المؤامرتين لاغتيال الشرع جرى إحباطهما خلال الأشهر القليلة الماضية، وأنهما تسلطان الضوء على الخطر المباشر الذي يتعرض له الرئيس السوري بينما يسعى لتعزيز سلطته في بلد عانى من ويلات حرب أهلية استمرت 14 عاماً.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن وزارة الداخلية السورية أطلقت مطلع هذا الأسبوع حملة تستهدف خلايا تنظيم الدولة الإسلامية في أنحاء البلاد، أسفرت عن القبض على أكثر من 70 مشتبهاً بهم.
قانون قيصر
قبل أيام من الاجتماع، قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض إن “تقدماً كبيراً” تحقق في الملف السوري.
وأضاف “أعتقد أنه (الشرع) يبلي بلاء حسناً. إنها منطقة معقدة وهو رجل قوي، لكنني توافقت معه بشكل جيد جداً”.
وبعد لقاء ترامب والشرع في الرياض في مايو/ أيار، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيرفع كل العقوبات المفروضة على سوريا.
لكن أكثر تلك العقوبات قسوة والمعروفة بقانون قيصر لا يمكن رفعها إلا بقرار من الكونغرس. وأعلن البيت الأبيض ووزارة الخارجية دعمهما صراحة لإلغاء القانون قبل نهاية 2025، إلا أن خبراء يقولون إن إغلاق الحكومة الأميركية الحالي يمكن أن يؤثر على توقيت الخطوة.
فيهذاالإطار،قالمسؤولكبيرفيالإدارةالأميركيةلشبكةفوكسنيوز،يومالاثنين،إنإدارةالرئيسدونالدترامبستصدرتعليقاًلمدة180يوماًلقانونقيصرالذييفرضعقوباتعلىسوريا
وأضاف“الإدارةستُصدرتعليقاًلمدة180يوماًلقانونقيصر،وتحثالكونغرسعلىإلغائهبشكلدائملفتحالمجالأمامالنموالاقتصادي. إدارة ترامب تدعم الإلغاء الكامل لقانون قيصر”
وأكد أن “هذا يتماشى مع إعلان الرئيس بشأن وقف العقوبات، حيث إن الإلغاء يعدّ خطوة أساسية للسماح للشركات الأميركية والدول الإقليمية بالعمل في سوريا”
ومن المتوقع أن يدعو الشرع بقوة إلى إلغاء القانون في خطوة ستسهم في تنشيط الاستثمارات العالمية في بلد أنهكته الحرب على مدى 14 عاماً. ويقدر البنك الدولي أن إعادة الإعمار ستتطلب أكثر من 200 مليار دولار.
ويأتي تركيز ترامب على سوريا في الوقت الذي تسعى فيه إدارته إلى الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس، والمضي قدماً في خطته المكونة من عشرين نقطة لإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين في القطاع الفلسطيني. ولا يزال هناك عدد من أصعب نقاط الخلاف في حاجة لحلول.
تحولات جذرية
في ديسمبر/ كانون الأول، ألغت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للقبض على الشرع أو قتله. وفي الأسبوع الماضي فحسب، رفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات متعلقة بالإرهاب مفروضة عليه وعلى وزير الداخلية أنس خطاب.
وبعد قرار الأمم المتحدة، رفعت بريطانيا والولايات المتحدة العقوبات المفروضة على الرجلين. وفي واشنطن، شمل ذلك شطبهما من قائمة “الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص”.
وقال فراس مقصد مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أوراسيا غروب ومقرها نيويورك “تجسد زيارة الشرع إلى واشنطن التحول الجذري الجاري، إذ انتقلت سوريا من الدوران في فلك إيران إلى الانضمام إلى معسكر بقيادة أميركية، وتحول الشرع نفسه من إرهابي مطلوب إلى شريك في الحرب على الإرهاب”.
وأضاف “لكن الكثير من الأمور قد تسوء بالنسبة لهذه التجربة الوليدة ولا تزال هناك مخاوف حقيقية تتعلق بحقوق الأقليات والأفراد… لكن أول زيارة لرئيس سوري إلى واشنطن تمثل لحظة أمل في أن سوريا تسير أخيراً على الطريق الصحيح”.
