ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية لسوق دمشق للأوراق المالية، منذ إعادة التداول فيه في يونيو الماضي وحتى الآن إلى 25 تريليون ليرة (حوالي 2.25 مليار دولار) بزيادة 636 مليون دولار، وبنمو 37%، في مؤشر على عودة الثقة لأسواق المال السورية، بحسب رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية في دمشق عبد الرزاق القاسم لـ «الشرق» السعودية.
وعادت بورصة دمشق للعمل في يونيو الماضي بعد شهور من الإغلاق، بعدما شهدت تراجعاً في التداولات وانهيار مؤشرها الرئيسي منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وتتعلق آمال المسؤولين السوريين بالبورصة، باعتبار أنها قد تشكل رافعة لاقتصاد البلاد المنهك، إذا تمكنت من جذب الاستثمارات رغم التحديات الهائلة التي تواجهها.
وتأسست السوق في مارس عام 2009، لتكون أول بورصة رسمية في سوريا منذ عقود. وفي نهاية 2024 ارتفعت القيمة السوقية للبورصة إلى حوالي 1.5 مليار دولار، وبلغ المؤشر ذروته عند 108 آلاف نقطة في نوفمبر 2024، قبل أن يغلق عند 99,694 نقطة في آخر جلسة تداول بتاريخ 5 ديسمبر 2024، مع سقوط النظام السابق.
وزير المالية السوري محمد يسر برنية قال في مقابلة سابقة: إن العمل جارٍ على تطوير سوق دمشق للأوراق المالية، وإعادة هيكلتها لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والدوليين، بالتوازي مع إصلاحات في قطاع التأمين وحوكمة الشركات العامة، بما يخدم التنافسية والاستدامة.
تطوير الأوراق والأسواق المالية السورية
تتزامن هذه المؤشرات الإيجابية، مع توجهات الحكومة السورية نحو التحول لاقتصاد السوق الحر وإعادة تنظيم الاقتصاد، بحسب القاسم، مشيراً إلى أن الهيئة قامت بالتنسيق مع وزارة المالية بوضع استراتيجية لتطوير شامل لقطاع الأوراق والأسواق المالية.
وبلغت قيمة التداول في سوق دمشق 311 مليار ليرة بحجم تداول 76 مليون سهم بصفقات تتجاوز 50 ألف صفقة.
ويجري حالياً العمل على تحديث القوانين والأنظمة بالقطاع، بما يتناسب مع الممارسات الدولية وبما يتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، بحسب رئيس الهيئة، موضحاً أن من أولى هذه التشريعات ما يتعلق بتنويع الأدوات الاستثمارية لتعزيز الشمول المالي وتعميق وتوسعة السوق المالية والصكوك الإسلامية وصناديق الاستثمار وإحداث منصات جمع التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
يأتي ذلك، بعد إعلان هيئة الأوراق المالية في سوريا مؤخراً بدء إعداد تشريع خاص بصناديق الاستثمار، بعد سنوات طويلة من غياب هذا النوع من الأدوات المالية ومنع تداولها داخل السوق السورية.
وقال القاسم إن مشروع التشريع الجديد يتيح تأسيس صناديق تستثمر في مجالات اقتصادية متنوعة، عكس التشريع السابق الذي كان يقتصر على الاستثمار في الأوراق المالية فقط، كما يمنح المستثمرين فرصة الوصول إلى محافظ استثمارية كبيرة ومتنوعة من خلال توزيع الاستثمار على عدد من الأصول والشركات والقطاعات.
تُعد صناديق الاستثمار عماد الأسواق المالية، وعامل مساعد للتحوّل إلى اقتصاد السوق الحر والخصخصة، عبر تجميع المدخرات وتوجيه رؤوس الأموال نحو الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي حيث توفّر هذه الصناديق بدائل آمنة ومنظمة للاستثمار تسهم في تمويل مختلف المشاريع في القطاعات الأكثر كفاءة وشفافية وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي.
كما أعدت هيئة الأوراق المالية أيضاً مشروعاً جديداً لنظام الحوكمة لإدارة الشركات المساهمة العامة، بهدف تفعيل دور المساهمين في الشركة وممارسة حقوقهم، وتطوير البيئة الرقابية في الشركات المساهمة وتحقيق النزاهة والشفافية في السوق المالية وتعزيز الإفصاح.
