• السياسات العامة تحولت لتجارب وأخطاء مع هيمنة الاجتهادات الشخصية
• البصمة الثالثة والدوام المسائي تأجيل مؤقت لمواجهة الأزمة الحقيقية
قال تقرير الشال الاقتصادي إن الكويت عاشت، ولا تزال، مرحلة طويلة من السير على منهاج التجربة والخطأ، كل خطط التنمية و«رؤية الكويت 2035» وسيل من القرارات والمشروعات الضارة، حصيلتها كانت إخفاقا تنمويا.
وأضاف «الشال» أن أهداف نظرية خطط التنمية، ضمنها ما يتعلّق بتنويع مصادر الدخل، إدارة متفوقة وتنمية بشرية تصل بإنتاجية المواطن الكويتي إلى ما يضاهي السنغافوري، ثم تمارس اجتهادات وسياسات التجربة والخطأ المناقضة، لتنتهي الحقبة الزمنية للخطة باعتراف رسمي صريح بأنها فشلت في تحقيق أي من مستهدفاتها.
وبيّن «الشال» أن ذلك ينطبق على مشروع «الكويت جديدة»، أو «الكويت 2035»، التي طرحت مستهدفاتها الخمسة بعرض عام في يناير 2017، وملخصها، تحقيق «إدارة حكومية فاعلة»، «واقتصاد متنوع مستدام»، «ورعاية صحية عالية الجودة»، «وبنية تحتية عالية الجودة»، «وتعزيز رأس المال البشري الإبداعي»، وبعد أكثر من 7 سنوات على إطلاقها، تخالف واقع كل تلك المستهدفات.
وأوضح أن التجربة شملت جملة من القرارات التي تم التراجع عن معظمها أخيراً، من أمثلتها، مشروع «عافية» و»شراء الإجازات»، وفوضى «مستشفيات الضمان الصحي»، «وترحيل من بلغ عامه الـ 60»، وغيرها، ورغم مرور ما يكفي من وقت على الحكومة الجديدة، ورغم انفرادها بالسلطة، لا تزال بلا برنامج عمل وبلا رؤية يحددان مسار سياساتها وقراراتها، مما يفتح الباب واسعاً لاستبدالهما بالاجتهادات الشخصية بكل ما تحمله من استمرار لمسار التجربة والخطأ.
وأشار إلى أنت الكويت أوشكت على إنشاء مطار ضخم، والمطار مجرد وسيلة لتسويق نشاط السياحة، وقطاع الضيافة، والنقل، وتجارة التجزئة، ومن أهم مكملاته نشاط نقل جوي وطني منافس لثلاث شركات إقليمية كبرى، والرابعة قيد الإنجاز، بينما استمرت شركات طيران عريقة في وقف رحلاتها عن الهبوط في مطار الكويت، مما قد يحوّل المشروع إلى عبء.
وأضاف: مثله مشروع ميناء مبارك، لا حديث عن مكملات المشروع، ولا عن كفاءة إدارة، ولا عن تنسيق بين السياسة الخارجية والرؤية التنموية الداخلية للمنافسة على أسواق دول الشمال، والواقع أن دول شركاء في مجلس التعاون الخليجي تجاوزوا الكويت بالاتفاق مباشرة مع العراق، وميناء مبارك مشروع ضخم آخر قد يتحول إلى عبء.
وشدد «الشال» على أن غياب الرؤية ينسحب على الإخفاق في تطوير التعليم المتخلف عن مستوى التعليم العادي سنوات، في حين أن التعليم في العالم يشهد حالياً ثورة غير مسبوقة، وينسحب على تجاهل خلل هيكلي في سوق العمل، وينسحب على سياسة توسّع إسكاني أفقي غير مستدام، واختناقات سوق العمل، وعجز الإيفاء بمتطلبات الإسكان، أزمتان قادمتان لا محالة.
ومع هيمنة الاجتهادات الشخصية حالياً، تحولت السياسات العامة إلى ساحة تجارب وأخطاء، فغياب معايير القياس التنموية يحوّل الأعمال الهامشية إلى إنجازات كبرى ، مثالها صيانة الشوارع التالفة، وغالبيتها في بداية عمرها الافتراضي، أو إنجاز نفق دروازة العبدالرزاق، الإصلاح مستحق، ولكنه ليس سوى عمل صيانة روتيني متصل، مسؤوليته لدائرة في وزارة الأشغال العامة.
وبيّن «الشال» مثله قرار البصمة الثالثة والدوام المسائي، والانضباط مطلوب، لكنها قرارات لا ينتج عنها سوى تأجيل مؤقت عن مواجهة الأزمة الحقيقية الكامنة في تضخم البطالة المقنعة، وعجز الاقتصاد عن خلق فرص عمل مواطنة مستدامة.
وأفاد بأن الخطورة هي أن تكلفة إصلاح تلك الأخطاء من الناحية الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، أعلى بكثير من تكلفة الخطأ نفسه!