شهد «الذهب الأسود» منذ اكتشافه أزمات أثرت في ارتفاع أسعاره أو انخفاضه، وواجه النفط تغيرات كبيرة بين الصعود والهبوط في ظل تأثير الأحداث والمواقف الدولية، ما بين قرارات بحظر النفط كما حدث من الدول العربية أثناء حرب أكتوبر 1973، أو نتيجة اضطرابات في الإمدادات العالمية، وكذلك الأزمات المالية العالمية والحروب والأزمات بين الدول المنتجة.
وفيما يلي أبرز الأحداث والتغيرات التي أثرت على أسعار النفط الخام:
– أزمة السويس – العدوان الثلاثي على مصر 1956:
في عام 1956 ومع بدء العدوان الثلاثي على مصر بقيادة بريطانيا وفرنسا والاحتلال الإسرائيلي اشتعلت «أزمة قناة السويس» عقب قرار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بـ«تأميم القناة»، حيث توقفت حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس وسط الغارات الجوية، ومعها إمدادات النفط، لترتفع أسعار النفط للمرة الأولى تاريخياً من متوسط 20 دولاراً إلى مستوى 34 دولاراً للبرميل
– حرب أكتوبر 1973:
وفي اكتوبر عام 1973 أثناء حرب أكتوبر بين مصر والاحتلال الإسرائيلي سجلت أسعار النفط قفزة بعد قرار عربي بحظر تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل في الحرب (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية)، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار من معدل 2 دولار للبرميل عام١۹٧٢ إلى 12 دولاراً بحلول ١۹٧٤.
– ثورة إيران والحرب مع العراق 1978:
بعد انطلاق الثورة الإيرانية عام 1978 تأثر صادرات النفط بشدة خاصة ثم اشتعلت في سبتمبر 1980 الحرب بين العراق وايران، وهما من أكبر المنتجين عالمياً، لتقفز الأسعار من 12 إلى 35 دولاراً للبرميل.
– الغزو العراقي للكويت 1990:
في الثاني من أغسطس عام 1990، اجتاحت القوات العراقية الكويت وشهد النفط ارتفاعات كبيرة، إذ كانت العمليات وسط عدد من أهم الدول المنتجة للنفط في العالم، لتصل الأسعار من 15 إلى 40 دولاراً للبرميل.
– الأزمة المالية في آسيا 1997:
انهيار العملات في جنوب شرق آسيا في صيف 1997 أدى إلى اشتعال مخاوف اقتصادية عالمية، وتسببت المخاوف المتوالية من الركود في هبوط النفط إلى 9.5 دولار للبرميل.
– إضراب النفط – فنزويلا 2002:
تسبب اضراب عمال النفط في فنزويلا عام 2002 في تعذر تحميل الكثير من شحنات النفط على الناقلات نظرا لأن العُمال المشاركين في الإضراب رفضوا إصدار مستندات الشحن اللازمة للناقلات وأدت الأزمة إلى ارتفاع الأسعار من 18 إلى 32 دولاراً للبرميل.
– حرب العراق 2003:
في مارس 2003، بدأت العمليات العسكرية الأميركية لغزو العراق، وفيما كان النفط يتحرك عند مستويات حول 50 دولار للبرميل قبلها، فقد واصل سلم الصعود الكبير، ليصل إلى 112 دولار للبرميل.
– نمو الاقتصاد العالمي 2008
شهدت الفترة بين عامي 2000 و 2008 زيادة غير مسبوقة في الطلب على النفط، تقودها شهية مفتوحة تجاه المنتجات النفطية في الاقتصادات الناشئة، وعلى رأسها الهند والصين، وهو الأمر الذي فاجأ منظمة «أوبك»، مع عدم وجود إمدادات كافية من النفط، مما أدى زيادة غير مسبوقة في الأسعار التي وصلت إلى مستوى 147 دولاراً للبرميل في صيف عام 2008.
– الأزمة المالية العالمية 2008:
وسط أحد أكبر الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر، انهارت شركات وبورصات واقتصادات العالم، لينهار سعر النفط من 147 إلى 36 دولار.
– الربيع العربي 2011:
خلال فترة الربيع العربي واضطراب الأوضاع في بعض الدول العربية وخصوصاً ليبيا، شهدت أسواق النفط اضطرابات عنيفة أواخر عام 2010، خصوصاً مع خروج الانتاج الليبي من المعادلة الإنتاجية العالمية، لتقفز الأسعار من 95 إلى 126 دولاراً للبرميل.
– هجمات «خريص وبقيق» بالسعودية 2019:
في 14 سبتمبر 2019 وقت عدة انفجارات نتيجة هجمات إرهابية في معامل شركة «أرامكو» السعودية في خريص وبقيق، وأدت الانفجارات إلى توقف كمية من الإمدادات تقدر بنحو 5.7 مليون برميل، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار من 60 إلى 72 دولاراً للبرميل.
– «الإثنين الأسود» 2020:
شهدت أسواق النفط يوماً تاريخياً، يوم الاثنين 20 أبريل من عام 2020، عندما انهارت أسعار الخام الأميركي الخفيف إلى ما دون الصفر، في واقعة لم يسبق حدوثها من قبل، وتدهور سعر برميل النفط إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ ومع امتلاء منشآت التخزين في الولايات المتحدة بشكل هائل، أجبر المتعاملون على محاولة الدفع للمشترين لتجنب مزيد من الخسائر، عندما هبط سعر النفط من 16 إلى 40 دولاراً تحت الصفر.
وحدثت تلك الواقعة وسط حجر صحي وإغلاق عالمي نتيجة وباء كوفيد –19، والذي أدى لتراجع الطلب العالمي بنحو ثلث قيمته، فضلاً عن أزمة روسيا وتحالف أوبك+ وقتها.
– حرب روسيا وأوكرانيا 2022:
صعدت الأسعار منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية إذ تعد روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم، ووسط اضطراب الإمدادات ارتفعت الأسعار من 80 إلى 138 دولاراً للبرميل.
الأسواق تترقب الضربات الإسرائيلية للنفط الإيراني
وتترقب الأسواق حالياً الأزمة بين إيران وإسرائيل، فقد عمقت أسعار النفط خسائرها خلال تعاملات الثلاثاء، عقب تقرير أفاد بأن الضربة الانتقامية المتوقعة من جانب إسرائيل ضد إيران من المرجح أن تتجنب البنية التحتية النفطية، مع تقييم الأسواق مباحثات وقف إطلاق النار في لبنان.
وتقلصت علاوة المخاطر الجيوسياسية عقب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» رجح استهداف الجيش الإسرائيلي المنشآت العسكرية الإيرانية والمواقع المرتبطة بالاستخبارات والقيادة، بدلًا من البنية التحتية النفطية أو النووية الإيرانية.
كما خيب اجتماع عقدته السلطات في الصين اليوم آمال المستثمرين في إطلاق حزمة تحفيز جديدة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، الأمر الذي من شأنه بقاء الطلب الصيني على النفط عند التوقعات الضعيفة السابقة.
وينتظر صدور تقرير معهد البترول الأمريكي عن مخزونات النفط في وقت لاحق اليوم، وكذلك من المقرر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء البيانات الرسمية للمخزونات، وسط توقعات بارتفاع مخزون الخام مليوني برميل.